صوت الشباب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صوت الشباب

منتدى عربي إجتماعي ثقافي منوع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالأحد أغسطس 05, 2007 11:13 pm

نقلا عن وكالة عمون الإخبارية

مجموعة من الأرشيف لمقالات الكاتب محمد رفيع

جمعها و نسقها:
أحمد رفيع

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع 7291

إلى المدينة


قد تموت المدن وهي واقفة. ولا تحتاج لأن تشيخ، كي تمارس موتها المعلن.
فحين يموت معنى المدينة، تتحول إلى مستودع للبشر. وتموت الوجوه والصداقات.
او تتخفى، وينفرط عقد عظيم. هو المدينة في ذاتها.


بالمدينة يُستدرج البشر للبوح، والجهر، بأقصى ما فيهم. وبالصداقات
الوارفة، يفرح الضد بالضد، وتحتفي الفكرة بالفكرة. ويزهو الاختلاف
بالاختلاف. حينها، تستدرج المدينة غرباءَها وساكينها، الى مغامرات الخصب
والضجيج المتقن. كرَمٌ نهاري، وليلي، بلا حدود تمارسه المدينة، حين تحيا.
سجالات صيف، وجدل شتاء، نحو الينابيع، تدفعها العروق الضاجة بالحياة.



لا ذهول في عيون الرجال. ولا دموع في مآقي الصبايا. ولا خفة في قصص
العاشقين. فالمدينة تُشرع فنّها الخفيّ باتقان. فتستدرج اختلاف البشر، لا
خلافهم. فالأصل ان يختلفوا. لانهم بشر. وبالاختلاف يجري التعارف والتعرف.
وحينها، ترشح المدينة أسرارها: صداقات مختلفين، وأفراح متنوعين.



في مدينة عربية، هناك نقش حجري لغزال يمد ساقيه إلى نهرها. نقش صنعه عربي
قبل سبعمئة عام. ساقا الغزال معيار لمنسوب النهر. فان لامستهما المياه،
دارت طواحين المدينة، فيعرف الناس ان الطواحين تنادي قمحهم.



المدينة لا تورّث صداقاتها. والصداقات لا تترك سلالات مدينية، كالقبائل.
فنقش الغزال يطمره جدار. والجدار يغمره تراب (كما تقول مهندسة عربية تقيم
في ستوكهولم). فيختفي عندها نهر المدينة، وسرها أيضاً..!!.



الوجوه المقطبة، كالكتب المقطبة، تنتمي إلى شيء آخر غير المدينة. وحين
تمتلئ المدينة بهؤلاء، تصير مهجراً دائماً، أو مقهراً أبدياً. في رحلة موت
طويل، اختاره ساكنوها قضاء، بمحض عجزهم عن تحقيق شروط الاجتماع البشري، لا
قدراً.



اسطنبول. أكثر المدن جدلاً وتنوعاً. فتحها السلطان قبل أكثر من خمسمئة
عام. فمنحه مسلموه العثمانيون لقب الفاتح. فحوّل كنيستها آيا صوفيا إلى
مسجد. وبدّل اسمها القسطنطينية إلى إسلامبول، أي مستودع الإسلام. خذلته
المدينة. فلم ينتشر الاسم الذي اختراه لها. واختارت المدينة
شهرتها:الاستانة او اسطنبول بعضا من اسمائها.



والاستانة لفظة فارسية، تعني العتبة المقدسة، عبرت بها المدينة خمسة قرون
من عمرها. وأما اسطنبول، فلفظة اغريقية، اطلقها اليونانيون عليها. ومعناها
إلى المدينة. وبها عبرت، وما تزال، عمرها الأبقى إلى الحياة. أما معبد
حكمتها الوثني، الذي صار كنيسة، ثم مسجداً، فقد تحول إلى متحف. وعلى
الزائرين أن يختاروا من أسقفها، من يرتأونه قديساً أو شفيعاً او مكرماً.
ومن يتبرم، فليس له سوى انتظار أجنحة تخفق على قمم موحشة..!!.

المصدر


عدل سابقا من قبل في الأربعاء أغسطس 15, 2007 9:11 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالأحد أغسطس 05, 2007 11:19 pm


نوكيا ...

كيف يمكن لالبحث العلمي أن يكون مصدراً وأساساً للتطور، في بلدان، وأن
يكون هو ذاته مظهراً من مظاهر التخلف في بلدان أخرى؟!.



هذا ما يسمى بآلية انتاج التخلف. فالمجتمعات لا تتخلف بذاتها. بل
هناك آليات خفية، تعيد انتاج الأشياء بشكل متخلف، مكرسة إياه سمة للمجتمع.
حتى لو كان هذا الشيء هو العلم ذاته.







في بلاد خلق الله، جرى تكريس فكرة ومفهوم البحث العلمي والتطوير، بآليات
قانونية وادارية ومجتمعية، أساساً لتقدم وتطوير المجتمع. وفي بلادنا، تم
إعادة إنتاج هذا المفهوم، على أنه مجموعة أبحاث في العلوم الإنسانية،
كالسياسة والدين والأدب. أبحاث تكتب، ثم تُعرض في مؤتمرات وندوات، ثم
تستقر في أدراج. ولا داعي للتذكير هنا بمصير هذه الأبحاث، بعد ان تمتلئ
بها الأدراج وتضيق.







قبل مئة وواحد وثلاثين عاماً، سمعت البشرية بخبر أول مكالمة هاتفية أجراها
ألكسندر بل مخترع الهاتف. في ذلك الوقت، كانت نوكيا عبارة عن شركة فنلندية
تصنع الورق والمطاط، ومضى على تأسيسها ست سنوات.







الشركة استعارت اسمها من نهر نوكيا نفرتا الذي تقيم على ضفافه. وبدأت منذ
ذلك التاريخ، بالتحول إلى شركة هواتف. وأصبحت خلال قرن وثلث احدى أكبر
شركات الهواتف والاتصالات في العالم.







نوكيا الآن تسيطر على أكثر من ثلث سوق الهواتف الخلوية في العالم. وتنفق نحو أربعة مليارات يورو سنوياً على البحث العلمي والتطوير.







نوكيا الشركة شيء، وفنلندا الدولة شيء آخر. الدولة تنفق على البحث
والتطوير نحو خمسة ونصف بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وهي نسبة من
أعلى النسب في العالم. ويساهم القطاع الخاص بثلثي هذه النسبة، في حين
تساهم الحكومة بالثلث المتبقي.







نوكيا، هي أكبر الشركات في فنلندا على الإطلاق. والفنلنديون يعتبرونها أحد
أهم رموزهم الوطنية(!). فهي من أعطت فنلندا موقعاً على خريطة الاقتصاد
العالمي.







ولأنه ليس من السهل أن تتحول شركة خاصة إلى رمز وطني. فحين تعرضت نوكيا
لأزمة مالية في أواخر الثمانينيات، قام مديرها التنفيذي بالانتحار، كي لا
يواجه الناس بالعار الذي لحق به، وبالتالي بوطنه.







أفراد كثر يعرفون سرّ الدوران في الدائرة المفرغة المسماة بالبحث العلمي
في بلادنا. ويعرفون أيضاً كم من المؤسسات جرى تأسيسها، لإعادة إنتاج
الفراغ. ولكن الأعجب، عربياً، ان يعاد تأسيس مؤسسات بحث علمي جديدة، بنفس
الوجوه والأسماء، ومن دون أية محاولة إبداع.. ولو على سبيل التمويه أو
التخفي..!!.







FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:51 am


بياع التنتانات

لي صديقة مسيحية، ولدت في فلسطين عام اشتعال ثورتها الكبرى في الثلاثينيات
من القرن العشرين. وتسمى أيضاً ثورة عز الدين القسام. صديقتي، تكتب
مذكراتها الآن. وطوال أكثر من عامين، بذلت جهوداً مضنية، لاستعادة مفردات
البدايات، التي ولدت فيها. وعلى رأسها الحكاية الشعبية، المكونة للثقافة
العامة للناس والأطفال. وفي ظني، أن الكتاب سيكون فريداً حين يتكامل.


ومن الحكايات الشعبية، إلى الغناء، إلى ألعاب الأطفال، ترسم صديقتي زمناً
اجتماعياً في فلسطين، زاخراً بالبهاء والمحبة. ومنها، ان الأطفال، في عيد
الصليب، كانوا يجمعون عروق الملوخية الجافة، لحرقها في الساحة العامة،
والرقص حولها. ويغنون:قشّه قشّه لليهودي.. نحرق دقنه هاليهودي. ولاحظوا
حريق ذقنه، أي حرق جبروته وكبريائه، لا حريق اليهودي ذاته. ومنها، لعبة
الخيال والظل/الشنبر، وصندوق العجب. ولعبة أوّلك يا بو اسكندراني، حيث
ينحني أحد الأولاد، ليقفز الجميع من على ظهره، أولاداً وصبايا. ولعبة
العروس، المصنوعة من خشبتين متصالبتين. ومنها، أغاني الباعة المتجولين،
كبائع فستق عبيد: (عبد وعبيد.. سنانه بيض/سنّي فضه.. وسنّو حديد. وبائع
القماش:تفتا هندي، تفتا هندي.. شاش حرير يا بنات/إفتحي لي يا صبية.. عندي
بضاعة للستات/فتحت لي ونادت لي.. يا بيّاع التنتانات.



بين وزير تربية فلسطين وتعليمها، وبين وزير ثقافتها الحاليين، ضاعت
مسؤولية سحب كتاب قول يا طير من مكتبات المدارس. وهي مسؤولية أقل ما يقال
فيها انها فضيحة معرفية، سواء من حيث التوقيت، أو المبررات والمضامين،
التي عرضها وزير تربية فلسطين على الفضائيات مستنداً إلى خدش الحياء العام
في حكاية نص نصيص. وخصوصاً القسم الذي يتحدث عن الغولية/أخت الغول، والرجل
الذي كابد الأهوال للوصول إليها، لطلب مساعدتها في إخصاب وحبل زوجتيه.
فرآها من الخلف وهي تطحن، ملقية ثدييها إلى ظهرها، فشرب منهما، وأكل حفنة
من طحينها. فقالت له: انك شربت من ثديي الأيمن، فصرت أعز من أخي اسماعين،
وشربت من ثديي الأيسر، فصرت أعز من أخي نصار، وأكلت من طحيني، فصرت أعز من
أولادي. ومنحته ما يساعده على حبل زوجتيه. وكأن الوزير لم يسمع بالأسطورة،
ولا بدراساتها، وما تبذله الدول والشعوب لإعادة التعرف على أساطيرها
وخرافاتها.



الحكاية السابقة، وما تبقى من حكايات الكتاب الخمس والأربعين، كلها شائعة
في ثقافات بلاد الشام بتنويعات مختلفة، تمتد من قول يا طير إلى خبرني يا
طير. والكتاب صادر في العام 2001، عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت.
وهي مؤسسة عربية رصينة، وليست فلسطينية، انشئت بجهود عربية منذ العام
1963. والباحثان (إبراهيم مهوى وشريف كناعنه) هما أكاديميان معروفان
بالرصانة. أما غلاف الكتاب، فيعلوه رسم تقريبي، لطائر العنقاء الفلسطيني،
الذي وجد نقشه الحجري بكثرة في معظم أراضي فلسطين التاريخية.



علَّمونا أن لا حياء في الدين. وقرأنا تفاسير القرآن عن حكاية يوسف وولادة
بلقيس الأسطورية، والبغاء المقدس في المعابد في زمن العرب السحيق، وقصة
إساف ونائلة في مكة، وغيرها. ولا أعرف كيف توهم الوزير قدرته، بقرار حكومي
بائس، وفي زمن أكثر بؤساً، ان بامكانه شطب ثقافة بلاد لم تبدأ بمعارفنا
الإسلامية الحالية، ولن تنتهي بفهمنا السياسي لإسلام اليوم.



ربما كان من المفيد للوزير أن يعيد قراءة قصة سليمان وخيوله وبلقيس في
القرآن. أو كتاب منطق الطير، الذي جادت به الثقافة العربية والإسلامية في
عزّها. أما صديقتي، فليس لها إلا أن تستمر في محاورة بياع التنتانات،
علّها تستطيع جمع معظم قماشه، لشعب ضاع معظم تراثه، قشّة قشّة، وبلا حرائق
لعروق ملوخية..!!.



FAFIEH@YAHOO.COM

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:52 am


عزمي بشارة

محمد رفيع
[2007-04-14]

اذا كان هذا النص مديحاً، فليكن. فالصديق عزمي بشارة ليس فكرة محايدة، بل
هو اعتداد الفكر بذاته في مشهد العاصفة، وعينها.

هكذا تجري المفارقات، او هكذا يُصنع المسرح الواقعي: رئيس الشاباك يصرح
بأن العرب خطر استراتيجي على دولة اسرائيل. والجموع الاسرائيلية مشغولة
بنتائج الحرب الاخيرة. وبيهودية الدولة ايضاً. وبأن عرب اسرائيل لم يؤيدوا
حربها على عرب آخرين. ثم تحذر شولاميت الوني النائبة السابقة، ورئيسة
قائمة حقوق المواطن،


زميلها عزمي بشارة. ولكن مم تحذره؟ من رئيس الشاباك يوفال ديسكين. وبأنه
يحيك له ملفاً للمساومة او للمقاضاة. فالشاباك مخول بذلك وقادر عليه، ثم
تبدأ عمليات انتاج آليات الخفاء والاختفاء كجزء من الملف، فيختفي عزمي،
ويسرب خبر استقالته من الكنيسيت. ويبدأ نيسان طقوسه، بالتذكير بدير ياسين،
التي اقيم على اراضيها، واراضي لفتا مبنى الكنيست الحالي، ومنها الى
الجامعة العبرية، التي درس فيها عزمي بعد جامعة حيفا، وتزداد محنة الرجل،
بالتذكير انه اكمل دراسته العليا بامتياز في المانيا، وليس في الولايات
المتحدة الاميركية فتكتمل طقوس المحرقة.



قبل ثلاث سنوات، التقيته صدفة على الجسر، هو قادم الى الاردن، وانا احاول
ادخال جثمان شهيد من الانتفاضة، مات اثناء العلاج هنا. لم يستغرب. فأرض
فلسطين التاريخية تستعصي حتى على جثث ابنائها.



من هنا يبدأ جهد عزمي بشارة الفكري. ومن هنا يبدأ مشروعه السياسي. يحلو
لهم ان يصفوه بأنه شخصية مثيرة للجدل. لانه ينتقد عنصرية اسرائيل، في
التعامل مع مواطنيها. ولأنه يركز على العلاقة بين القومية والديمقراطية
والعدالة الاجتماعية. ولأنه يسعى الى تعميق مفهوم المواطنة، وفصله عن
الانتماء العرقي او الاثني او الديني. ولأنه يدافع عن مفهوم دولة
المواطنين في اسرائيل، ضد يهودية الدولة.



ارتبك بعض الاصدقاء، قبل سنوات، حين رشح عزمي نفسه لرئاسة حكومة اسرائيل.
في محاولة لكشف عنصرية الدولة تجاه مواطنيها. واليوم، تحاصر فكرته وشخصه
محاولات الأجهزة الأمنية. اما على الارض، فالأنباء تقول ان السلطات
الاسرائيلية وضعت يدها على الحي العربي القديم في عكا، لتحويله الى مكان
لممارسة فناني اسرائيل لابداعهم التشكيلي..!!.



ابن الناصرة. وابن البلاد الناتئة على الخريطة. وابن العائلة العربية
المسيحية الارثوذكسية. لا يملك الا ان يكون حكاية فردية. هي في جوهرها
عنوان لما تبقى من فلسطين العربية. فالروح حين تغادر الجسد تمثل اعتراضا
على الموت، ورفضا لان تسكن الجثة. فحكايات الافراد، حين تصير عناوين، تخف،
وتصير هي المكان ذاته. لكنها، بوصولها الى حافة الفكرة، تخرج بالمكان من
حدوده، وتخرج بذاتها من حدودها السياسية، لتصير حالة انسانية.



صحيح، ان كل يقظة لا تكون إلا محمولة على ذكريات نوم غامضة. لكن الفشل
الحقيقي هو العجز عن تحويل الواقع الى حلم يعيشه الناس. فبديل العلم هو
تفشي العجز المراقب محل تفوق الحكماء.



من عاداتنا، ان يذهب اللامع فيتكاثر عارفوه، ادعاء. ومن عاداتنا الاستغراق
في تخيل اشكال الوهم، بعد تكسر الاحلام. وقد تهرب الغايات من طالبيها. غير
ان لنا شواذات تثبت قاعدة الاحلام. فالاشياء لها طباع. ومن طباعها، ان
الأفكار تلعب لعبة الجلاد، حين تريد، ولعبة الضحية، حين تريد ايضا. وعزمي
بشارة فكرة يقظة عربية لم تكتمل. فكرة تحاول الوصول الى الحافة.. في زمن
خلعت فيه البشرية اقنعتها، واستمرأت الصمت.

FAFIEH@HAOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:53 am

صلات مشروخة

محمد رفيع
[2007-04-19]

ذات مرة، قلت لمعماري صديق مهتم، ان عمان هي العاصمة العربية الوحيدة،
التي يمكن قول حكايتها العمرانية والاجتماعية والثقافية كاملة، بشكل موثق
وموثوق . فأعجبه القول، بعد الشرح، حد الدهشة. غير اني لم اجرؤ على القول
بامكانية المحافظة على هذا التاريخ والنسيج.


عمانيات كثر، وعمانيون اكثر، يتصلون بي، حين يهدم بيت او بناء في المدينة
القديمة، ولا املك بعدها، سوى الذهاب الى المكان ليلا، واسترجع حسرة
المكان وذاكرته.



قبل ثلاثة اعوام، ازعجت واثقلت، على الكثير من الامراء والاصدقاء
والمسؤولين. بدءاً من الديوان الملكي وصولاً الى رئاسة الوزراء، ومروراً
بالروابط والنقابات المهنية والثقافية. ولم يتردد احد في محاولة لمنع هدم
واحد من اقدم ابنية عمان. نجحنا مؤقتا، بتدخل امين عمان، آنذاك. وبعد ستة
اشهر، تم هدم البناء، اما صاحب البناء، فقد استبدل العمران القديم، ببناء
جامد، لا يحمل اية ملامح. اضاف طابقاً ونصف الطابق، وكسب ايجارات جديدة،
وهو ما كان يملكه اصلاً بقرار من المحكمة لاخلاء المستأجرين.



كان يمكن للرجل، ان يحصل مادياً على اكثر مما حصل عليه بالهدم والبناء.
وذلك بالمحافظة على واجهات البناء القديم الخارجية، واضافة طوابق جديدة،
باستحداث اعمدة وقواعد جديدة، داعمة للبناء، وتغيير كل ما يريده داخل
البناء، والحصول ايضاً على تسهيلات ومساعدات من اكثر من جهة رسمية، لو
توافرت المناخات الملائمة والثقافة الراغبة في الحفاظ على عمران المدينة.



منذ سنوات قليلة، تكاثرت الهيئات والجمعيات المستحدثة، المتشبثة بعمران
عمان، لاغراض تجارية واغراض اخرى. لم اكتشف عددها الكبير الا يوم محاولة
منع هدم مقهى حمدان او الجامعة العربية . يومها، دفعني الاصدقاء لتأسيس
جمعية للحفاظ على هذا العمران، فجمعت اكثر من مئتي توقيع، وحين اكتشفت عدد
الجمعيات الموجودة، طويت اوراقي لأزمان اخرى، وصرت على يقين انها لن تأتي.



منذ عقود، وانا اتابع بالتفصيل مشاريع الحفاظ على عمران المدن العربية
القديمة. ففي مصر، وصل مشروع القاهرة التاريخية الى حد الجريمة. وفي حلب
صارت مفردات حلب القديمة مدافن لعمرانها. واكتمل الخراب المنظم بهدم سوق
المناخلية وسوق العتيق وجوارهما في دمشق، ومن فيض الكلام، او لا لزومه ،
التذكير بخرابات بغداد وجسرها و متنبيها ومقامات سامرائها .



اما عمران شرق حواضر العرب : في القدس، وعكا، وغزة، والكرمل، وريفها، فكأن الحديث عن احواله رقص في عتمة لا آخر لها.



يقال، ان وزارة السياحة ستأخذ مبنى المكتبة العامة لأمانة عمان، ومقر
منطقة المدينة، ولا اعرف كيف تفرط الامانة بأقدم مقراتها الباقية، حتى لو
كان ذلك لوزارة السياحة. فمحيط هذا المبنى كان جواراً لكل مراكز الحكم
(التي هدمت طبعاً) في البلاد: الديوان الاميري،فندق فيلادلفيا، المدرسة
العسبلية، مبنى البريد، وبيت سليمان البلبيسي، المقام في القرن التاسع
عشر، والتي ما تزال اطلالة قائمة الى اليوم.



ويقال ايضاً، ان دارة الملك عبدالله الثاني للمثقفين ستقام مكان شركة
الدخان في رأس العين. ولا اظن ان احداً يفكر بالابقاء على المبنى القديم،
او على جزء منه. وهو ممكن ومرجو ومفيد، اياً كان شكل العمران الجديد
المنوي اقامته.



فابريكة الدخان هكذا سماها العمّانيون، عند بنائها عام 1934. كانت البلدية
تستعد للتوسع ابعد من شارع السلط، حين اجبرت شركة الدخان (كان مقرها في
بناء شريم - شارع فيصل) على اختيار مكان بعيد على حدود المدينة. فخيرت
الشركة البلدية بين ثلاثة مواقع تملك فيها اراض: رأس العين، جسر مصدار
عيشة، طريق المحطة. فاختارت البلدية هذا الموقع، واحتفظت الشركة لاحقاً
بأبنية لها في المواقع المذكورة. وتحول واحد منها الى مقر الجمعية الخيرية
الهاشمية في المحطة، وقد سقطت نقوش البناء العربية والانجليزية على
بوابته، قبل شتائين او اكثر، ولا اعرف اذا اعيدت ام لا.



الشركة المؤسسة لهذا العمران هي كرمان وديك وسلطي ليمتد . ولأسماء كرمان و
ديك و سلطي حكايات طويلة ومثيرة وعتيقة، تمتد من حيفا الى بيروت الى عمان
الى لندن.



فهل نحن معنيون بظلال هذا العمران وحكاياته وتاريخه؟ .. وللحديث صلات مشروخة.



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:54 am

نسر و طرائد

محمد رفيع
[2007-05-10]

وحدها، عين النسر تريك ما ترى. أما الطريدة، فلا تبصر سوى خوفها. واصطكاك فرائصها.


بعين النسر ترى الخرائط بلا خطوط. خرائط ترسم حدودها البحار والهضاب
والجبال والصحارى. فلا حدود في عين النسر، سوى الجغرافيا الطبيعية.



عين النسر تريك بلاداً اسقط الغزاة الأزليون اسمها من مفرداتهم. هي آسيا
الغربية ، التي قيل عنها انها أعرق مناطق العالم حضارة . دُر مع الساعة.
وسترى البحر يحيطها كسوار: بحر العرب فمضيق. ثم الأحمر فخليج. ثم الأبيض
فمضيق. ثم الأسود فقزوين. ثم الخليج العربي، أو خليج فارس، ان شئت فمضيق.
وكأن تاريخ الصراع البشري ترك الماء بلا لون في هذا الجزء من الكون. وثمة
أحد متفائل يقترح الأخضر اسماً ولوناً لهذا البحر. فتكتمل دائرة الألوان
والرموز للبلاد وجوارها: الأخضر والأبيض والأسود والأحمر..!!.



آسيا الغربية تشمل: شبه الجزيرة العربية وتركيا والهضبة الإيرانية، وما
بينها من بلاد ودول: لبنان، سورية، العراق، الأردن، فلسطين، تركيا، إيران،
اليمن، ودول الخليج الست. وهي بلاد تزيد مساحتها عن ستة ملايين كيلو متر
مربع. ويعيش فيها أكثر من مئتي مليون من البشر. وفيها معظم وقود العالم
الحديث وطاقته وثرواته. وهي موطن أديان العالم القديم وحضاراته وثقافاته.



إذا كانت الصقور تصيد لصياديها، فالنسور تصيد لذاتها. وعندها، يصير النسر
طائر برق . وحكمة طائر البرق ان كثير النثّ صمتُ - وكثير الصمت بثُّ .



حين حلق النسر الأميركي لغزو العراق، التصقت طيور آسيا الغربية المرعوبة
كلها بالأرض. الخوف، والوهم، أفقد الطرائد السيطرة حتى على أعضائها
وأجسادها. وعمّ الشلل. وتوهمت كل طريدة انها ستكون الهدف التالي للنسر
المُحلق. فصار الجميع، بعد الفريسة الأولى، حلفاء غبّ الطلب .



تغيرت مفردات الغزو. وكُسرت محرمات كثيرة. وفُتحت طريق واسعة لمثقفين ومعارضين إلى جهنمات ، كُتب على مداخلها زوراً جنات موعودة .



انتشى النسر بدماء طريدته. وحلّق عالياً في سماء آسيا الغربية، والشرق
كله. لم تفاجأ الطيور المذعورة بتحليق النسر. غير انها ما تزال مرعوبة من
تبدل نواياه.



كل القناديل اهتزت، ورجفت، وتوسلت بالزيت ان يستمر . فالرياح الكريهة
هبّت، وعصفت. والرياح العظيمة يخنقها خراب كثير يتقد على النقرس الطائفي .



تلوّث وجه العنف. وضج الخطاب بدعاوى فارغة. فالمساحات الخضراء تحترق في
وعي الناس. واللغة الخرساء تطفئ فوانيس العشق. وبوح الأسرار لا يليق، حين
تبثّ الطواعين براغيثها ..!؟.



FAFIEH@YAHOO.COM

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:54 am

أنوثة الجسد



لافتةٌ هذه الاندفاعات المحمومة، لكتابة سيرة الجسد الأنثوي. ولافتٌ أكثر،
ان تتقصد هذه الأعمال عين الرقيب، عن قصد. محيلة عيني القارئ والرقيب،
معاً، إلى ثقوب أبواب تتلصص على أجسادٍ عارية تلهو.


لم يعد عري الجسد كافياً ليفصح عن أنوثته. حكمةٌ أدركتها الشعوب منذ آلاف
السنين. فاستداروا بالتماثيل والمجسمات حول الأنثى، لاستيعاب تجليات الجسد.



هي الأنثى. كلما حاصرتها المعرفة بالمكر، أو الحجب، اتسعت معانيها. وحين
يمعن ''الخباء'' في سطوته، يفرُّ جسدها إلى عوالم سحرية وأسطورية. ويغترب
الجسد عن شكله. ويحلّق في ملعب خيالٍ مفتوحٍ على مفارقات ومفاجآت.



القدماء، انحازوا إلى حيرة اليقين الكوني المدهشة. إلى جسد الأنثى كصورة
وظل لأنوثة الآلهة. وتجلّت ''الأنثى الإلهة'' بصورة استثنائية: خصباً،
ومطراً، وجمالاً، وخلقاً.



إلهةٌ على هيئة جسد مُلهم ومُحلِّق: خفيٌ، متسامٍ، كثيفٌ، متسقٌ، شفيفٌ، وغامض أيضاً.



ضبابٌ يعيق التحليق والتحديق. ضبابٌ لا يأتي من ''الخباء'' وحده، بل من
العري أيضاً. فلا جسد يشبه جسداً آخر. وطريق الجسد إلى حريته هي حريته في
اتخاذ هيئته وصورته. وبحريته تلك، يتحقق ''الانعتاق'' منه، بصفته قيداً.



في عري الجسد فراغٌ موحش. وعتمةٌ فاضحة، تمتص فيض نورٍ لفانوس أوقد لتوّه.
وفي الخباء ''المخبوء'' كتمٌ لأنفاس صبح يتنفس. وحده التحام الجسد
بالطبيعة يبتكر تجلياته، ويباشر وجوده. فعلى مرأى من لحظة حريته، لا حزن،
ولا ضجر، ولا عذابات لكائنات وحيدة.



العرب البائدة أحالوا الجبال، بما هي أوطان، إلى أجساد أنثوية فصارت جبال:
سلمى، وأجأ، وليلى، وليئة، وعبلى، وعزة، أسماء العشيقات، بما هي نساء
وأوطان وأمان معاً. وفي القرآن، تتشمم صورة الأنثى ''لإلاهاتهم'': أفرأيتم
اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.. ألكم الذكر وله الأنثى .



''الفتنة..''.



معذِّبةٌ هي رحلة الجسد الأنثوي في المعرفة البشرية. كأنها سيرٌ على
''الأعراف'' بين نقيضين. ''فتنةٌ'' تُمعن في البحث عن الجمال في جسدها.
و''فتنةٌ..'' أخرى، هي الفتنة ذاتها، حين تُحاذر في المضي إلى أقصاها.



كأنها معارف غبار، تنجلي عن رخام، ثم تتراكم عليه ثانية. أو ذهاب مزمنٌ
نحو حافات النقاء، للوصول الى هشاشات.. ليس أقلها هشاشة الأنثى وجسدها.



لم يأبه المتصوفون بما علق بصلواتهم من شبق الجسد. ولم يتحوط من قال: ''هناك معبد واحد في هذا الكون، أنه الجسد البشري''.



لا تحتاج الهشاشة إلى صلابة مضافة لاكتساب قيمتها: قوة أم جمالاً. فما ان
تمعن الهشاشة في هشاشتها، حتى تكتسب أقصى ما في الوجود من صلابة: القداسة.
حين تجتاز برفق، أو بحزن، أو بعنف،برزخ التقليد البشري. فتصعد بخفة إلى
الأعلى.



FAFIEH@YAHOO.COM


عدل سابقا من قبل في الإثنين أغسطس 13, 2007 9:56 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:56 am


لائحة الخواجا يوحنا

محمد رفيع
[2007-05-31]

قبل أيام، حضرت محاضرة الدكتور عدنان البخيت عن القدس في القرن السادس عشر
الميلادي. لم يقرأ البخيت محاضرته المكتوبة عن القدس من أوراقه، بل
ارتجلها ارتجالاً. وكانت كلها عن مشروع اعادة توثيق القدس، بكل تفاصيلها،
منذ بدء تكون الامبراطورية العثمانية إلى ما شاء الله. وهو مشروع لا يمكن
مقارنته الا بما تقوم به الجامعة العبرية وجامعة حيفا منذ سنوات، بدراسة
وتوثيق التغييرات الاجتماعية في فلسطين وجوارها، منذ سيطرة العثمانيين على
المنطقة.


بالنسبة لي، فوجئت بالقدرة اللا متناهية للدكتور البخيت، بالحديث عن
تفاصيل القدس وناسها وعمرانها وحياتها، وكأنها أمامه. ولم تفاجئني شهادته
بدفاع العثمانيين المستميت عن القدس ضد الانجليز في الحرب العالمية الأولى.



البخيت، قال كلاماً مهماً عما يجب، ويمكن، فعله من أجل القدس. أما
النجباء، وحين تنبهوا لما يفتحه المشروع من آفاق، فقد اغرتهم مهنة التواضع
التاريخية، فأقاموا بالتلمذة في ظل الأستاذ. وآخرون، حاولوا استدراج
الكلام إلى مستنقع السياسة. لم تفلح النجابة، ولا التواضع، ولا الاستدراج،
مع الشيخ المخضرم. فقد ظل يركض، ناقلاً الماء، من برك ارطاس في قنوات
سليمان الحجرية ، إلى الظامئين في حارة الشرف . ليختم المحاضرة بأنه لم
يقل شيئاً عن القدس وانه لم يرو عطش ظامئ في مدينة العرب..!.



مشروع البخيت، ان نجح، مذهل ومهول. وهو بسيط، أيضاً. وبساطته تتحدد فقط في
استمراره إلى الأبد. ولكن كيف يمكن للأشياء الحقيقية ان تستمر في بلادنا؟!
فقط مجرد الاستمرار المتراكم.



استمرار متراكم، بآلية عربية، إلى الأبد. فعلٌ يذكّر بمشروع الدفتر خانة
الذي انشأه محمد علي، حاكم مصر، عام 1828. ليصبح أول دار للوثائق في
العالم العربي وفي افريقيا كلها. وثاني دار وثائق في العالم بعد فرنسا
(1790). وقبل ان تنشئ بريطانيا دار المحفوظات العمومية (1838).



الدفتر خانة المصرية، اصبحت الآن دار المحفوظات العمومية . وهي تحوي كماً
هائلاً من الوثائق عن مصر والعالم العربي وافريقيا، وما زالت قائمة الى
اليوم. ففيها محفوظات وزارة الداخلية ، التي تضم دفاتر عتق الرقيق و دفاتر
قيد العربان ، و سجلات أحوال العمد والمشايخ وغيرها.



وفيها أيضاً دفاتر مكلفات الأطيان وكل ما يخص الأرض الزراعية، والعقارات،
وما طرأ عليها من تغيرات، منذ ان كان الفلاح المصري مكلفاً وليس مخيراً في
زراعة أرضه.



ان دار المحفوظات العمومية المصرية هي من كبرى دور الوثائق العالمية. وما
كان لها ان تكون كذلك لولا التشريع الذي وضعه الخواجة يوحنا ، الذي كلفه
محمد علي بمشروع حفظ الوثائق المركزي. هذا التشريع عرف باسم لائحة الخواجة
يوحنا . وفيه مادة تعاقب كل مسؤول يمتنع عن تسليم الدفاتر والسجلات للدفتر
خانة بالجلد مائة جلدة في ميدان عام. ومن يومها، حرص الموظفون على تسليم
ما في حوزتهم من سجلات إلى الدفتر خانة ، حتى قبل المواعيد المحددة لها،
لتفادي العقاب.



موعد التسليم هذا، هو اليوم، بالضبط الموعد الذي تنتهي فيه حاجة الادارة
الحكومية على اوراقها. فتبدأ الأوراق بالتراكم، وتتحول إلى عبء. وحينها
تتشكل لجنة من ثلاثة اشخاص، وتقرر اتلافها او حرقها.



لحظة الاتلاف او الحرق عند الادارة الحكومية، هي بالضبط اللحظة التي تتحول
فيها الاوراق الى وثائق. وهي نفس اللحظة، التي يبدأ فيها عمل الدفتر خانة
او مركز المحفوظات العمومية. وهي نفس اللحظة الحضارية التي اختارها محمد
علي، فأفرد لها ادارة مستقلة عن كل ادارات الدولة، وربطها بشخصه، وكلف بها
الخواجة يوحنا فهل يمكن ان نحول، عربياً، لحظة البخيت ، حول القدس، إلى
لحظة كتلك..؟!.



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:56 am

جمال أبو حمدان !

محمد رفيع
[2007-06-07]

قاسية هي اوساط الثقافة في الاردن.

فجأة, وقبل اكثر من عامين, اختفى جمال ابو حمدان. لم يكتب. ولم يتكرر في
الدراما, كما اعتاد, او كما اعتادت, لم يسأل احد. ولم يلحظ احد. هكذا نحن,
او هكذا تعودنا..!


اين الكاتب جمال ابو حمدان؟!

يفترض في الاجابة ان تكون معقدة, وسأبدأ بنفسي..

-لا اعرف..!

اختلفت مع جمال, وما زلت. وهو خلاف في الشكل. والاصل في الافراد ان
يختلفوا. فبالاختلاف تستدرج الحياة. ويستدرج التنوع. فتضج المدينة بصخب
الصداقات المختلفة.

اشهد انه حاول احتواء اختلافي او خلافي. واشهد انني لم افعل. او لم استطع. فجف الماء. وماء بلادنا شحيح بطبعه.

ليس مهما هنا البحث عن الحق وصاحبه. فصداقات المدينة, ان كانت مدينة, لا تأبه الى "لغو" كهذا.

قاسية هذه "العمان". او للدقة, قساة هؤلاء الذين يدّعونها. كن ما تكون.
فحق المدينة عليك ان تكون حاضراً فيها. وحقك فيها, ان يفتقدك, اقصد يتذكرك
احد.. قبل مجد "الموت الجميل".

مهما اختلفتَ مع جمال, فالرجل ليس شيئاً عادياً في ثقافة المدينة وتاريخها
الحديث. فما بالك, ان سألت عن العرب ومدنهم, وقسوة "بداواتهم".

لـ "ابي توفيق" تحية المدينة. وله "غمامها" الصيفي, الذي يعرف. فـ "الزهرة
البرية", التي نمت قرب نهر جف, لم "يقطفها" احد بعد. و "المرج", حتى وان
كان لـ "الحمام", يصعب ان يصير "برجاً" له.. حتى ولو كان "الحمام"
لزاجل..!؟



FAFIE@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:57 am

و بعدها ... لم يحدث شيء

محمد رفيع
[2007-06-09]

للكلمة والمفردة معنى محسوس في أية لغة. ودلالة الكلمة تكتسب معناها من
الحياة المعاشة، للجماعة الإنسانية التي انتجتها. وحين يجري نقل الكلمة من
البيئة التي انتجتها، إلى بيئة أخرى، بالترجمة أو بغيرها، فإنها تخسر
شيئاً من معناها ودلالتها. بل وأكثر من ذلك، فقد تكتسب دلالات أخرى من
ثقافة الجماعة التي قامت بنقلها. وقد تدخل المفردة إلى لغات أخرى بنفس
لفظها، مع ما لحق بها من تشويه في المعنى والدلالة. والمشكلة هنا، تأتي
عندما تتحاور الجماعات بنفس المفردات، معتقدة أنها تقصد ذات المعاني..!!.


قبل عقود، أدخل اليسار العربي إلى الثقافة العربية كلمة راديكالي Radical
بمعنى ثوري . والكلمة بلفظها الأجنبي لا تقل تشويشاً عن المعنى المختار
لها. بما في ذلك الزمن الذي نقلت فيه. فبعد انزياح ظلال الثورة، عمّ وساد
استخدامها بلفظها الأجنبي راديكالي . وعلى السامع والقارئ، أن يستعير
معناها العربي من أزمان اختفت.



الترجمة الحرفية للكلمة الإنجليزية راديكال هي: (راسخ/جذري/ متطرف/متمسك).
وكل هذه المعاني منفردة قد لا تعني الدلالة الكاملة للمفردة، عند الجماعة
التي انتجتها.



مؤخراً، وفي زمن مختلف طبعاً، جرى تداول كلمة مودريت Moderate ، بمعنى
(معتدل/غير متشدد). ويقصد بها في اللغة الانجليزية عكس الكلمة راديكال .
ولاحظ ان عكس معتدل لم يدخل في المعاني المقترحة ل راديكال ، أي بمعنى
(متشدد/غير معتدل).



قبل ثمانية أشهر، صدر كتاب أمريكي بالغ الأهمية. بعض الصحف العربية، قامت
بترجمة ما كتبته دور العرض والصحافة الأمريكية عنه، ومن دون قراءته.
فالبعض نقل العنوان كما هو راديكال هوب/ أي الأمل الراديكالي . والبعض
الآخر ترجمة إلى : الأمل الوطيد . أما الكتاب فيحمل عنواناً فرعياً، يشرح
العنوان الرئيس، هو الأخلاق (أو المبادئ الأخلاقية) في مواجهة (دمار أو
اختفاء) الثقافة .



في بلادنا، نادرة هي تقاليد الالتزام، بالأصول العلمية والمعرفية لعرض
الكتب. ولا مجال في هذه المقالة لاستعراض الكتاب، برغم صفحاته القليلة،
وأهميته البالغة. ورغم ذلك فقد وظفت الصحافة الأمريكية عرضه في انتقاد
سياسة الرئيس بوش في الشرق الأوسط، وفي أماكن أخرى من العالم.



باختصار، الكتاب قائم على تحليل شهادة آخر زعيم لاحدى قبائل الهنود الحمر.
وهي شهادة موثقة، أدلى بها الزعيم قبل وفاته بقليل، حول ما حدث، حين وافق
على التعاون مع حكومة واشنطن، مطلع القرن العشرين، وأقنع شعبه بمغادرة
أرضهم، والعيش في أرض معزولة، وممارسة أية مهنة باستثناء مهنتهم الأصلية
صيد الجاموس والقتال ، وما رافق ذلك من اختفاء ثقافاتهم وقيمهم.



تحليل الكاتب للشهادة هو للوصول إلى إجابة، يحتاجها العالم اليوم،
وتحتاجها الإدارة الأمريكية في سياستها الحالية. والإجابة المطلوبة هي
لسؤال: ما الذي يحدث حين تموت، او تنهار او تختفي، ثقافة شعب ما؟! والكتاب
كله، الصادر عن جامعة هارفارد، يدور حول أفضل الخيارات لاحتواء تداعيات
ذلك الاختفاء والانهيار.



شهادة زعيم قبيلة السكان الأصليين في غرب الولايات المتحدة، تحتمل معاني
وتحليلاً أكثر بكثير مما ذهب إليه الكاتب. فاحدى فتيات القبيلة، التي
امتهنت، بعد الرحيل، مهنة بنات الليل تقول: إنني أحيا حياة لا أفهمها ..!!.



زعيم القبيلة اعتبره البعض خائناً لشعبه، لتعاونه مع حكومة واشنطن. أما
الكاتب فاعتبره شجاعاً من نوع مختلف، لمحافظته على الأمل بالحياة، لدى
شعبه اليائس. وقد قام بتشجيع شعبه على التعليم، والانفتاح حتى على دين
الرجل الأبيض. ورغم أنه لم يكن محبطاً، حين أدلى بشهادته، إلا أنه قال
لمحدثه: أستطيع ان أحدثك أكثر عن الحرب، وعن سرقة الخيول. ولكن حينما
اختفى الجاموس، وقعت قلوب شعبي على الأرض. ولم يستطع أحد رفعها ثانية.
وبعدها لم يحدث شيء .



أي ان كل ما حدث، بعد اختفاء نمط حياة الجماعة وثقافتها، ليس شيئاً.. أو
على الأقل لا قيمة له، بحسب آخر زعيم هندي أحمر كبير: بلنتي كوبس .



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:58 am

مصلحجي !!!

إذا اريد شتيمة شخص، في ثقافتنا العامة، يقال عنه ''مصلحجي''. أي انه لا
يسعى في حركته ونشاطه إلا وراء مصلحة ما، وغالباً ما تكون مصلحته الشخصية.
وحرف ''الجيم'' الثقيل، المرافق للمصطلح، هو لازمة عثمانية. وهي لازمة في
تلك الثقافة عادة ما ترافق المهن اليدوية والحرفية:''خضرجي، كندرجي،
جوهرجي،....الخ''. فهل تحول البحث عن المصلحة الشخصية في الزمن العثماني
إلى مهنة؟! أم أن تلازمها في سلوك الشخص، اليوم، حولها إلى صفة شخصية له؟!.


اليوم، وعلى نحو كهذا، يوصف الشخص الميّال إلى العنف في حل المشكلات بأنه
''حربجي''. باستعارة من ''الحرب'' على أنها مهنة، أو تخصص. وفي نفس السياق
أيضاً، يجري اليوم الاستهتار بأفكار وتيارات سياسية عربية كانت سائدة،
بنسبتها إلى مهن الزمن العثماني. فيقال عن صاحبها مثلاً بأنه ''قومجي..''
أو ''وطنجي..''. والمقصود طبعاً هو نسبة الفكرة وصاحبها إلى زمن متخلف
مضى. فيعفي ''المتهكم'' نفسه من عناء التفكير والجدل والحوار.



في ثقافة تحتل العتمة ضحاها وظهيرتها، يصح الشيء ونقيضه في آن معاً(!).
فما من محاور أو كاتب أو مسؤول، إلا ويحتل مفهوم البحث عن ''المصلحة''
فضاء خطابه. وأحياناً، يكون هذا الحديث عن مصلحة جماعة، وأحياناً أخرى عن
المصلحة العامة. وفي تبرير الأشياء، يقول واحدهم:''ليس لي في ذلك مصلحة''.
ففي ثقافتنا اليوم، لم يعد نقيصه أن تتماها المصلحة الشخصية مع المصلحة
العامة. فيصير البحث عن الأخيرة هو ذاته البحث عن الأولى.



ولأن الثقافة هي في جوهرها نمط عيش، فانها تطبع كل جديد ومستجد، بطابعها.
فمن المعروف مثلاً، ان البنوك والمصارف لا تبحث إلا عن مصالحها. ومن
المعروف أيضاً، ان جذور ثقافتنا العامة تمقت الشخص الباحث في علاقاته
العامة عن مصلحته الشخصية. ورغم هذا، فإن العاملين في البنوك يخفون
مصالحها بمفاهيم: الخدمة، والمساعدة، والتنمية، والترفيه.. بل ويبالغون في
التخفي، حين يقولون ''تكرم''.



ثقافة العالم الغربي تقوم في جوهرها وبُناها على فكرة ''المصلحة''. ومن
دون أن يكون هذا المفهوم شتيمة للسلوك أو لصاحبه. والثقافة العربية،
أقنعونا انها تقوم في أساسها على فكرة ''الكرم''. وأي سلوك يبحث عن
''المصلحة'' ولا يستند إلى ''العطاء'' المجرد، بما هو الكرم ذاته، هو سلوك
مشبوه او مذموم. وربما لهذا تتخفى السياسة الأميركية في غزوها للمنطقة
بثقافة سكانها الحاليين. فتستبدل مفردات ''المصلحة'' كدوافع للغزو،
بمفاهيم ''التحرير'' و''الديمقراطية'' و''حقوق الإنسان''.



اليوم، تطغى المفاهيم الغربية، في السياسة والاقتصاد والثقافة، على مفاهيم
العيش الشرقي والعربي. وفي مناخ كهذا، تتشظى القيم والثقافة العامة
المحلية بين جديد محمول على ''الاستهلاك''، وبين قديم محمول على ''الشعر''
والشتيمة. وان حاولت التوقف على مسافة ما، بين الاستهلاك والشتيمة، فان
الشاعر العربي يصفعك بالتذكير والتذكار: ''بيني وبينك للهوى سببُ..''
باعتبار ان السبب هو هو ''مصلحة''..!!.



FAFIEH@YAHOO.COM


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:59 am

رجال الملح

محمد رفيع
[2007-06-21]

لماذا قالت العُربان : الكذب مِلح الرجال ؟!.

هل قصدوا مديح الكذب؟ ام قصدوا ذمَّ الرجال؟.


كأن الأمر لا هذا ولا ذاك. فالكذب، كصفة مجردة، أمرٌ مذموم في كل
الثقافات. والملح عنصر غذائي لا يستستاغ وحده. أما الرجال، فحكاية أخرى،
قد تشبه الطبيخ ، كما يوحي قول العربان المأثور.



الكذب العام، قد يكون لإقناع الناس بفكرة يراد تحقيقها على الأرض. أو
بمشروع غير موجود بعد، ويراد تحقيقه. أو لدفع الناس إلى فهم تفاصيل ما
يحدث، وفق رؤية ما، بما يتناقض مع كل ما هو ظاهر من هذه التفاصيل.



لهذا، فالكذب يحتاج إلى عناصر أخرى ليحقق الغرض منه، وإلاّ يصبح مكشوفاً،
ويفشل، وينحدر إلى أصله المذموم. ومن عناصر حاجته، وضرورته، ان يكون
متسقاً ومنطقياً بمقدار. وأن يؤمن صاحبه بما يقول. كي يصدقه الآخرون.



الفرد يكذب، على نحو ما. والكاتب يكذب. والزعماء يكذبون. فبالكذب، وأشياء أخرى، تُصنع الكاريزمات ، والشخصيات العامة.



ولكن لماذا..؟!.



لأنّ الرجال مُركّبات. أو طبخات ، كما يريد القول العربي المأثور. والكذب
في الرجال، كالملح في الطبيخ . فطبخة بلا ملح، هي طعام مرضى. طعام لا
يستسيغه الأسوياء. والأسوياء هنا هم العامة. والمقصود بالعامة هو أكثرية
الناس وثقافتهم السائدة. حتى لو كان هؤلاء هم المرضى، وليس الأصحاء.



إن زاد ملح الطعام، يصبح المذاق غير مستساغ. وإن قلّ كذلك. ولأن الملح
أساس التركيب، فلا يُقارب إلا بمقدار. أو باحتراف. فللطباخين طقوس وأسرار.
وللطبخات مواسم و أنفاس . فبها وبهم يُصنع الرجال والرموز. وبها وبهم يقاد
الناس إلى مصائر لم تكن موجودة، حين حدثوهم عن المستقبل لأول مرة.



يكذب الرجال، نعم. فإن كان الكذب بمقدار محسوب تشهىّ الناس مذاقات أزمان
قادمة. وتغمض العامة عيونها، وهي تجرع الدسم المعدّ لها على مهل. وإن
تهوّر الرجال، واستهانوا بتقدير قيمة الملح، فان العامة تكتشف طبيعة
الوجبة من أول المذاق. فتبدأ بالتساؤل عن قيمة الدسم وجدواه. أو تتذمر من
شكل الوجبة ومذاقها.



إذن، فالرجل طبخة. والكلام اليومي المعدّ كوجبة طبخة. وصور الوجوه، التي
تحتل الشاشات يومياً، هي طبخة أيضاً. وما على المرء سوى تحسس، أو تذوق، أو
البحث عن الملح ومقداره، كي يدرك أسرار الطبخ والقائمين عليه.



ترى، هل لهذا قالت العرب ان الكذب ملح الرجال ؟.



في ظني، ان الرجال هم ملح الكذب . فكذب بلا رجال، هو شعوذة مسحورة. في زمن
كفت فيه الشعوذة عن سحر أحد. أوَ لم يقل الرفيق الأعلى : يا أيها النمل
ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده، وهم لا يشعرون.. ؟ أوَ لم
نتحول إلى نمل في أرض هذا الشرق، في وجبة ليس فيها شيء سوى ملح..؟!.



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 9:59 am


رقصة الشمس


محمد رفيع
[2007-07-02]

من الطبيعي أن يغرق العرب في غزة. وقبل أن تغرق هي، أي غزة، في بحرها، أو في رمل سيناء.


لم تعد الأخطار تتربص بالرجاء، وحسب. فالصحوات، التي تُحدثها شمس السراب
عادة، تكف عن فعلها. تماماً كالسائرين في العراء. أو كمن تلبّس العراء
مسيرهم: بداهات تنقلب على ذاتها. وصول متأخر إلى أسئلة الحقيقة. فشل في
صياغة أسئلة الحاضر. ساقطون لا يسقطون وحدهم. عبثٌ لتعويض عجز السياسة
بقوة قوانين، يدرزها خياطون على عجل. وركض سريع على رمضاء، نحو مقادير من
الرمل.



على ورق التبغ، صاروا يكتبون مآثر الشعوب. ومنها مأثرة ألمانية تقول: عند
كفاحك من أجل الحقيقة، لا تلبس أجمل ثيابك . وفي بلاد وضعها الربُّ على
طريق الغزاة والفاتحين ، يلبس المحاربون آخر صيحات الجاب والجينز ، وأقنعة
قذفها طريق الحرير الجديد لتوه، على معابر اختلفوا في تسميتها.



كلما انحلّت عقدة نصٍ، جاءت أختها. فصار اليأس، بتكراره الممل، جنّازاً. وقطرات الضوء القادمة من دمهم، تنقلب بسحر عجيب إلى عتمة.



غزة تخلع ثيابها، ولا تتعرى. فعُريها فاضح، منذ أكثر من ستة عقود. لم
يعلمونا في المدارس، ان غزة كانت البوابة التي استباح فيها الغزاة شرق
المتوسط كله، قبل تسعة عقود.



فمنها أُحتلّت مدن، بعد تمنع. ومنها قدّم الجنرال أللنبي القدس هدية للأمة
البريطانية بمناسبة أعياد الميلاد . وفيها دفن الغزاة والمدافعون أكثر من
خمسين ألفاً من قتلاهم. ومن غزة امتدّت طريق الفاتحين الكومنولث إلى دمشق
وحلب وبيروت.



ورغم هذا، لم يتنبه العرب إلى قيمة غزة الاستراتيجية، بعد ان حوّلها
الاحتلال الجديد إلى مكب بشري يشبه اللعنة. وحدها الجامعات العبرية،
اكتشفت مؤخراً ان العثمانيين حكموا فلسطين كلها، وبعض جوارها، بعائلات
غزة، وطوال أكثر من أربعة قرون.



ضلعان من قارتين هي غزة. يركد فيها المتوسط، ويرق، كما لا يفعل البحر في
أي مكان في الدنيا. أربعون كيلو متراً، هي آخر ما تبقى للعرب من متوسط
فلسطين . مستودع من البشر، هو هو الحكاية الفلسطينية كلها.



بالأناشيد الرديئة يُفقدون البحر لونه. فتحتل الكآبة ما تبقى من هواء
البحر. هم يعرفون، وخصومهم أيضاً، تفاصيل الفضيحة. فهذا الصخب محمول على
حرس وعسس صخبٌ يرتجله هواة متعجلون، ويبرره كتّاب وأدباء وشعراء محمولون
على ناقلات جنود وفضائيات.



عند الشعوب البدائية، تتشابك طقوس الدين بطقوس الحرب. وعندهم، ان رقصة
الشمس هي صلاة عنيفة، من أجل الثأر والانتقام. صلاة وصلوا إليها بعد أن
تحولت مآثر الحرب، ومجدها العسكري، إلى مضمون أساسي ووحيد للعبادة.



ثمة أحدٌ، أو أحدات ، يوهم المتحاربين هناك، بأن التاريخ يمكن له ان ينتظر
أمة، أو شعباً أو قبيلة، تموت قيمها وثقافتها، وتترك لخصومها حرية اقتلاع
علامات البطولة والشهامة والكرامة الحقيقية على طول حدود ثقافتها في كل
الاتجاهات.



بنبض محرّم. وقبضٍ معمم. يستتر إرهاب أصيل خلف حجاب. فتكف اسئلة العصر والبداهة عن جدواها. وتبدأ، هنا وهناك، أزمان أخرى مختلفة..!!



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:00 am

وحيدون ...


الوحيد هو فريسة مجتمعه. أيّاً كان هذا المجتمع. سواء اختار الوحيد وحدته راغباً، أو وقع فيها.



للوحيد وجوه كثيرة. وللوحدة أشكال أكثر.

بحديث الوحيد عن
وحدته تُستدرج الشفقة. وبتعميمها، يمتدّ ظل جاذب لظاميء العطف والحنان.
هكذا، افرزت الثقافة الأوروبية الوحدة ، قبل أكثر من مئة عام. فصارت
الوحدة صيغة عيش رومنسي تائه، ووسيلة لإغراء النساء أيضاً.



بالحداثة الشكلية، التي اخترقت المجتمعات، تحولت الوحدة إلى طاعون مقيم.
تساقطت كل جاذبيتها، كأوراق خريف. واستحال الوحيد ووحدته إلى مصدر نفور،
أو شماتة أحياناً. فمشهد من فاته قطار العمر، الذي احتل الفكرة كلها، لم
يعد يغري أحداً. حتى ولو بدافع التحسر.



بالتعبير الفردي الحرّ عن الرأي، تم ابراز الفارق بين النظام الديمقراطي
وبين النظام الاستبدادي. وبهذا البريق الحر ، اختفى الطاغية الفرد في
النظام الغربي، وتحول إلى مؤسسات، أو تخفى بها.



الوحيد، في مجتمعات الاستبداد، يمارس ضياعاً نفسياً لا محدوداً، وانسحاقاً
مرعباً تحت آليات القمع. والوحيد، في مجتمعات الديمقراطية، يمارس نزقاً هو
أقرب إلى الترف منه إلى الضياع النفسي.



الفريسة، في المجتمعات الديمقراطية، استطاعت التعبير عن ذاتها في عمل
أدبي، أو لوحة تشكيلية، أو قطعة موسيقية. أعمال اختار لها طغيان المؤسسات
هناك اسم ابداع . فصارت هذه الانفجارات اشكالاً للـ فرجة ، بعد قطع
العلاقة بين العمل وصاحبه الوحيد. فلا عجب، ان السيرة الذاتية لمعظم
المبدعين الغرب هي سير مأساوية، ينظمها خيط الوحدة.



أما الفريسة، في مجتمعات الاستبداد، فلم تستطع ايجاد مخارجها، إلا بمقدار
ما وظفتها أجهزة استخبارات الاستبداد لمهام أخرى. وهنا، تأتي محنة ما يسمى
الابداع في مجتمعات الطغيان: لا وحيدون حقيقيون. بل ظلال لهم. ولا مجتمعات
تعترف بهم كـ فرائس لها. إلاّ بمقدار حاجة الحائط العاري الى لوحات زينة.
ولا بأس من الرداءة. فالاطار الثمين كفيل باخفائها، او باعادة تظهيرها على
انها اختلاف مجنون أو مغامر.



في مانهاتن - نيويورك ، وما ان ينتهي وسط المدينة نحو الشمال، حتى تمتد
صورة عملاقة للثائر اللاتيني جيفارا . لوحة جدارية تحتل واجهة لعمارة هي
شبه ناطحة سحاب. صورة لجيفارا، ليس بصفته ثائراً أممياً، بل بصفته شكلاً
لنمط عيش مغامر وجذاب. هو ذاته، أو شبيهه، نمط العيش الأخرق لوحيدي
المجتمعات الديمقراطية. ولا ينس اصحاب الفكرة تزيين الشكل بدعاية لمشروب
الفودكا الروسي، المعاد تصنيعه وتسويقه، أو بعبوة بيرة البودوايزر المعاد
انتاجها.



وحيدون وأقدار طموحة. أقدار لها أصحاب آخرون. هم أنفسهم من يساعدنا على
ايذاء انفسنا، حين يكون في ذلك مصلحة لهم. اما نحن، فقد غادرنا الرجاءات
كلها، او غادرتنا، في ان تصبح الحياة في بلادنا منتجة للحياة..!؟



Fafieh@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:01 am

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع 7291
البترا ...و الدولة الأردنية


محمد رفيع
[2007-07-12]

لا يحتاج الأردن اليوم، شعباً ودولة، بقصد تأصيله والمحافظة عليه، وسط ما
يجتاح المنطقة من حرائق، إلى ربطه بأفكار ومفاهيم واهية، لا تصمد أمام أيّ
حوار معرفي جاد.


فالدولة الأردنية، بشكلها الحالي وكما هو، لا تحتاج في شرعيتها إلى البحث
لها عن جذور بعيدة، كي تمارس نديّة سياسية مع مصر أو سورية أو العراق. بل
ولا تحتاج أن تشبه أيّاً منها. فلكل دولة حالية تاريخها وجذورها، ولكل شعب
تاريخه وجذوره، ولكل جغرافيا طبيعتها وتاريخها أيضاً. تاريخ لمستويات
ثلاثة قد يتصل وقد ينفصل.



فلا حاجة اليوم، ثقافياً أو سياسياً، إلى أن نستند إلى إرث دولة الأنباط
أو الولاية العربية البيزنطية أو جند الأردن الإسلامي أو مملكة الكرك
الأيوبية المملوكية ، أو إلى فكرة معمورة حميدية عثمانية خطرت بذهن أحدهم
يوماً، ولم يطبق منها شيء.



ما سبق هو سقوط ساذج في اسئلة الفكر اليومي ، الطامح ان يكون فكراً على
هيئة وجبة يومية سريعة. تماماً كمن يبحث لاستقلال بلاده عن تاريخ، فلا
يجده إلا على حدود خط الهطول المطري 200 ملم سنوياً . أو بين براثن مفردات
الفكر الصهيوني، فيستعير من المتحد اليهودي ، لينتج مفهوم المتحد البدوي
أو المتحد الفلاحي . كلام هو في الأصل محاولات لفظية في اللغة، ما يلبث ان
يسقط بخفته عند أول اختبار. كلام يبحث للأردن الحالي عن استقلال متوهم منذ
بدء الخليقة. فيصير تاريخ اقليم شرقي الأردن جزء من سورية، ولكنه مستقل
عنها ، وهو أيضاً منفتح على الصحراء، ولكنه منفصل عنها ..!!.



تكريس البترا ثاني عجائب الكون شيء، وتوظيف إرثها وارث الانباط الحضاري
والإنساني، للتأسيس سياسياً للدولة الأردنية، شيء آخر تماماً. الأول يدعو
إلى اعتزاز وفخر عربي وأردني. فالأنباط وحضارتهم، وكل آثارهم في الجغرافيا
الأردنية بما فيها البترا، هي ملك للعرب كلهم وليس للأردنيين وحدهم.
وبالوجود السياسي للعرب، حتى هذه اللحظة من تاريخ العالم، يمتدّ المُلك
الحضاري للبترا إلى الانسانية كلها بشكلها الحالي. أما الثاني، فالدولة لا
تحتاجه أولاً، وثانياً من يريد ان يوظف إرثاً حضارياً، بشكل سياسي، عليه
ان ينتج الحد الأدنى من المعارف العلمية عن ما يراد توظيفه. وأُحيل من
يخالفني الرأي إلى مصدرين معرفيين. الأول هو بحث علمي رصين وجاد، نشره
الدكتور الأردني أحمد خيري، في حولية الآثار الأردنية، قبل ثلاثة عقود
ونصف العقد، بعنوان اتجاهات حديثة في دراسة تاريخ الأنباط . فللأسف لا
نعرف، لا نحن ولا العالم، بكل ما تراكم من حفريات وبحوث، عن البترا
والأنباط أكثر من رُبع حضارتهم وتاريخهم ومعارفهم. أما المصدر الثاني، فهو
الكتاب الأول، الذي أصدره بيت الأنباط ، قبل خمس سنوات، بعنوان عهد الحارث
الرابع ، وكتبه مسلم الرواحنة. وفيه نقش يعود إلى أكثر فترات مملكة
الأنباط قوة وحضارة (58ق.م). فعلى وجه النقش (عملة نقدية) صورة للحارث
الثالث راكع بجوار جمل، ويحمل بيده اليمنى جريد النخيل، وفي الأعلى كتب
ماركوس سكاروس ، وفي الأسفل كُتب الحارث ..(!). وعلى الظهر، هناك صورة
للإله جوبيتير إله النصر، يقود عربة خيول، وهي رمز النصر. وهناك نقش آخر
جديد، لفترة لاحقة، لفتاة تمثل بلاد العرب، وتحمل بيدها اليمنى أغصان
البان، وفي الأسفل كتب: إلحاق العرب ..(!!).



أما الولاية العربية البيزنطية ، التي هي فترة احتلال الرومان والبيزنطيين
لبلاد الشام، فهي سياسياً لا تصلح أن تكون أساساً لأي من دول المنطقة.
وكذلك جند الأردن الإسلامي ، الذي هو في الأصل مسار جغرافي، لأحد جيوش
الدعوة، من مركزها في مكة والمدينة، وصولاً إلى أقصى نقطة، في الشمال
وبحره، يمكن طرد الروم منها وعنها. أما التأصيل لأردن اليوم بمملكة الكرك
الأيوبية ، فهو أكثر بؤساً معرفياً، لأنه يستدعي مباشرة تاريخ مملكة الكرك
الصليبية ، السابقة لها، و أرناط ، سيئ الصيت. فتاريخ البلاد والعباد
العلمي ليس انتقائياً، تأخذ منه ما تشاء وتترك منه ما تشاء..! إلا إذا كان
المقصود شيئاً آخر، غير ما تفصح عنه دلالات الكلام المباشر.



التقصير في انتاج المعارف اللازمة، لا يبرر الجنوح إلى الاكثار من الأوصاف
والانشاء، لردم هوة المعارف. ولا يشرّع أيضاً الانزلاق إلى الخفّة، في طرح
اسئلة الاستقلال الوطني والوحدة الوطنية، ومعاركهما المتجددة. فطرح
الاسئلة الحقيقية ومواجهتها، هو أول ما يدفع إليه تكريس البتراء معلماً
حضارياً عجيباً في هذا الكون.



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:03 am

الحج محمود ... حيث تركنا البحر

محمد رفيع
[2007-07-15]

اتصل بي لتصحيح خطأ مطبعي حول قرية "زمّارين" البائدة. وانها تقع جنوب
حيفا. قبل ان تتحول الى مستعمرة "زخرون يعقوب" منذ القرن التاسع عشر.


لا اعرف, حتى اللحظة, لماذا عاملني بطريقة جدية, بعيداً عن طريقته
الدائمة, تلك "الشتيمة المتهكمة" التي كان يضعها بين الشتيمة والشتيمة.

قبل سبع سنوات, وحين تغيرت اشياء كثيرة هنا وهناك, قرر ان يروي مذكراته,
فسجلت له منها مساحة نصف بحر, ثم تلكأت. على امل ان اعود. ولم اعد. او على
الاقل لم اعد اليه حيث تركنا البحر. فعاده الغياب. وندمت..!

قال كلاماً كثيراً. كله لا تسمح الظروف بنشره الآن. فاض الحاج محمود سعيد
بذاكرته, فاستمعت, ووثقت كلامه بصوته. فصار الكلام "كنزاً" لا يصلح الا
للدفن لأزمان اخرى.

قبل اشهر اعيتني شخصية لبنانية لها تاريخ مبكر وخطير في فلسطين. فسألته.
فأخبرني ان "منير ابو فاضل" كان مدير البوليس السياسي في جيش الانتداب
البريطاني في القدس. وانه حقق مع اخيه زكي واستجوبه ومع كثير من الثوار
الفلسطينيين منذ ثورة العام 1936.

بهجت ابو غربية, اطال الله في عمره, يقول في مذكراته, انه منذ اليوم الذي
اعلن فيه نهاية الانتداب, انتقل ابو فاضل الى موقع الثوار في بيت لحم, ولم
نعرف من اين جاء او كيف. وفجأة, اصبح صلة الوصل في تلقي الاموال من
الجامعة العربية, عن طريق الحاج امين وجمال الحسيني.

وخلال ثلاث سنوات من نكبة فلسطين، كان ابو فاضل ويوسف بيدس يؤسسون "بنك
انترا" في بيروت. هذا البنك الذي اصبح امبراطورية مالية عربية وعالمية.
الا انه انهار في خريف العام 1966، بشكل مدو.

الحاج محمود سعيد هو من لفت انتباهي الى ان سلطات الانتداب البريطاني،
كانت تحرص على استقدام موظفيها المهمين، امنيا وعسكريا واداريا، من
المسيحيين العرب خارج فلسطين وخصوصا من لبنان وحين عدت الى وثيقة نادرة،
هي سجل بريطاني لموظفي ادارة الانتداب المدنيين والعسكريين في فلسطين، كان
الكلام دقيقا تماما.

في الوثائق غير المنشورة ليوسف بيدس، ان ثروة الشريكين، ابو فاضل وبيدس،
جاءت اساسا من تهريب الجنيه الفسلطيني وبيعه خارج فلسطين، خلال السنوات
الثلاثة الاولى لقيام الدولة العبرية. بعد ان منعت الدولة العتيدة خروج
الجنيه الرسمي منذ قيامها. وبقية الكلام غير المباح هنا كثيرة..!!

ابو فاضل صار لاحقا نائبا في البرلمان اللبناني. اما بيدس فمات قهرا في
سويسرا، بعد ان اقام في امارة موناكو. وفي ايامه الاخيرة رعته "عمة"
ادوارد سعيد، كما يقول الاخير في مذكراته، التي كانت سابقا ناشطة في اوساط
اللاجئين الفلسطينيين في مصر. حيث كانت مشاريع البنك الاولى ضمن هؤلاء
اللاجئين ومشاريع الاونروا الدولية.

ما سبق غيض من فيض الحاج محمود سعيد. ومن غيضه ايضا مسدس عرفات الذي دفنه، بحركة مسرحية، في قبر الحاج امين الحسيني.

شخصيا، يمكن ان امارس، في هذا النص، ركضا سريعا في علاقات الحاج
الاجتماعية, وفضله على الكثيرين. وخصوصاً من تبجحوا عنه وبه في السنوات
الاخيرة. ولكن الحشمة وكرامة الحاج, بموته وحياته, تتعفف وتتمنع. للرجل
المديد, بعمره وصبره وبروحه, الرحمة. ولأهله ومحبيه الصبر والسلوان.

FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:03 am


أحزان ..!

محمد رفيع
[2007-07-20]

كأنها ثقب أسود يمتص النور وفيضه. دروب عمياء، وعصيٌ كثيرة، كلها تشير إلى أُفق لم يعد موجوداً.



كتابةٌ ومحوٌ. وأحياناً يسبق المحو الكتابة، أو يزاحمها. ذاكراتٌ تخذل
أصحابها. والمرهفون، منذ أول الخطو، يسقطون في الوجع . وجعٌ يفشل، من
تلقاء نفسه، في التحول إلى ألم .


صمتٌ زاخر بالصخب. والروحُ تبحث عن ليلٍ أضاع عطره. ليكن هذا الرحيل أقصر.
بيد أن الموتى لا يعودون. ما همَّ. فَسِيَرُ القديسين تجترح المعجزات
ارتجالاً..(!).



آوي إليكِ.. ، أيّ هذه الأحزان، حتى لتحملني يداكِ كطفلٍ آوى الطفلُ أمه .
رملٌ على رمل. ماءٌ على ماءٍ. ويبقى ذلك الحزن واقفاً. لا يستريح. ولا
يتمطى. ولا يغفو إلا إذا ارتجل، مضطراً، حزناً آخر: مستبدٌ وعادل. أميرٌ
وتاجرٌ. نهماتٌ هي جديلة حزن، بلون العقيق . فُكّها يا صاحبي، نهمةً نهمة.



في النهمة الأولى، صراخٌ ذبيح: لكَ إبطاءُ المذلِّ المنعم، وتجنيّ القادر
المحتكمِ . وفي النهمة الأخرى، يكفّ الحنينَ عن كيّ الضلوع . ضلوعٌ صارت
من حريقها، ورقتها، بربارة شرقية : شفيعةٌ لكل من تمتلئ حيواتهم بالقلق
والمجازفات.



وجعٌ آخر، كالعمى، فلا تبصر. ونكايةً، تحدِّقُ ثانية في النور، ترفاً. فتأتي مواسم الهذيان..(!!).



خلودٌ يلدُ موتاً، لينفصل عنه. فيحررك من الخوف. ويتسع الثقب الأسود
ثانية: غموض هو الوضوح كله. وبلا حصص من المعرفة. فتعطش. ويتشقق الحلق.
ومن شقوقه، تتسلل فكرة، هي ذاتها مصدر سوء فهم مطلق .



الأنبياء يرتجلون أنوارهم. وأنت لا تريد أن تكون نبياً. لا شيء ترجوه سوى
أن تكون مواطناً عادياً. عاديةٌ، هي في الأصل حقك في أن تكون جريحاً
ومقهوراً . وحقك في أن تغضب، وتعترض. ان تحنق، ولا تنكسر، وأن تبقى أبيّاً
ونظيفاً أيضاً.



كيف يضيق الوطن عند البعض؟ وكيف يتسع عند آخرين؟ والوطن ذاته لم يتغير.
كأنها أحزان تنفلت من أصحابها. فتسقط في ثقبها الأسود، وتتسع. أو تستظل
بالشمس، فتصير خيوطاً من فضة.



فضةٌ لا تُنجيك، بل تلفُّك بالأبيض المغزول مرافئ، أحرقت مراكبها. وخلع
العمر مراسيها. أما البحارون، فاستحالوا، منذ أمدٍ بعيد، إلى أوجاع فقدت
ارادتها وقدرتها على التحول إلى مجرد أحزان نبيلة..!؟



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:04 am

ملح و نخيل و قيامة !



فزّاعات تُنصبُ على بوابات مدن. ''خيالات كروم''، أو ''خيالات مقاثي''،
تُزرع في نفوس الساكنين هذا الشرق. مدنٌ على هيئة ''كون''، تُحال، بطرفة
عين، إلى بوابات على هيئة ''جرح''.


قتلةٌ يواجَهون بالكلام. ظروف فشل عارم، تُذيب كل إرادات داخلية. يأس
طافح، يفسر الأمل بالجنون. ولا أحد يقوى على تمزيق هذا الستار..(!!).



فيض ضياعٍ يخفي ''الحقيقة والهوية والحب''. صنّاع أحداث يختفون في منتصف
الطريق. أو تلفّهم ظلالها. طريق، هو في الأصل والواقع، مسافة بين ''النشوة
والغم''. وللأسف ليس هناك عكس في الاتجاه.



اغتيالات معيشية ومصيرية، تواجه بالأمنيات والأحلام. أحلام تسكن أصحابها،
فتخطفهم. كلمة سر ''عثمانية'' هي شبح. ولا أحد يتجرأ على الاقتراب من فك
''شيفرتها'': أجناس تتفكك مفاصلها. وأعراق تكتشف، من جديد، اختلاف ألوان
دمائها.



موتى يتحركون في أيامهم. وأيام تمعن في تيهها. أجساد تفترش القهر. وكائنات
''أعتمها'' الخوف. الأصدقاء يغلقون ذاكراتهم، بشكل محكم، كي لا تهتز ''صور
معلقة على أساطير'' تلك الذاكرات. ريحٌ تتطفل. وغبار يتراكم على ذاكرات
صارت خزائن.



هواجس لا تنقطع. ومأخوذون، لا يعرفون إلى أين. أرواح ''منقوعة'' بالحرمان.
وكائنات أُقتلعت أظافرها وأنيابها وأعصابها. والهدف تعميم عجز واستسلام،
يحيل الحياة إلى حالات انتظار ''للقيامة''. أيّة قيامة..(!).



حدائق ملح، و''فسائل'' نخل، وقيامة. نثرُ حياة يومي جيّاش وصاخب. ورغبات ''عيش ميت'' تغشاها ريبة حتى اليقين.



''ملحٌ ونخيل وقيامة''، ووصايا أنبياء تُتلى على ''أحلام مهشمة''. أميّون
يتولون سرد حكم الأنبياء. ملعب جنون جميل: أنبياء يذهبون. ووثنيون جدد
يستعيرون من الذاهبين ذاكراتهم ووصاياهم. رايات إيمان ترفع على معابد
وثنية.



سردٌ أُميُّ، يمهد للرواية والقيامة. ولا يتوقف عند أي سؤال. أما ''الشُهب''، فلا تهيئ طقوساً أو مراسم لحريقها الخاطف..(!؟).



FAFIEH@YAHOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:04 am

العرندس الشرقي !

محمد رفيع
[2007-08-04]

السرقة هي فعل انتهاك لقداسة الملكية. أما الحلم فهو ممارسة حميمية، لا
يستطيع ان يتملكها أحد، لأنها مُلك للجميع.


المشترك بين السرقة والحلم، هو ان كليهما ضد التملك. شراكة آسرة بين
مفهومين، استغلها الاخوان رحباني، للعبور إلى وقاحة الابداع. والوقاحة هنا
هي في مخيلة استعدت لانتهاك المحرمات كلها. ومن دون ان تعرف حدوداً لاقامة
العلاقة بين الكلمات. أو أنها لم تُرد الاعتراف بتلك الحدود، بعد ان تعرفت
عليها.



في احدى مسرحيات الرحابنة، هناك حوار بين شحاذ وحرامي . حوارٌ يحيل الحياة
برمتها إلى فعل يتشبه بالفن. فنٌ هو في جوهرة محاولة لانتهاك تراتب الحياة
الاجتماعية. ولأن السرقة هي فعل الحرامي ، و الحلم هو فعل الشحاذ . فإن
حواراً بين فعل الفكرتين يمكن ان يوصل إلى تسوية ، تنتهك تراتب الحياة
الوقحة في قسوتها. الحرامي يقول: الشحاذ حرامي جبان. والحرامي شحاذ وقح .
فيرد الشحاذ: السرقة والحلم أخوة .



مفكرٌ أوروبي، وفي حديثه عن الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية ،
يعتبر ان التسول مؤسسة اجتماعية دينية. ويرى أيضاً: ان اخلاقيات القرون
الوسطى لم تجز وتشرّع التسول، فحسب. بل مجدته في أخويات المتسولين . ووصل
الأمر الى اعتبار المتسولين العلمانيين مرتبة اجتماعية معترفاً بها. حيث
جرى التعامل معهم بناء على هذه المرتبة، وذلك لأنهم كانوا يوفرون للميسور
فرصة الاضطلاع بالاحسان من خلال تقديم الصدقات.



مجتمعاتنا لم تشهد، أو تعرف، الثورة البروتستانتية. وما يزال شبح التحريم
الديني يرزح بثقله على الكائن الاقتصادي فيها. الأمر الذي يجعل دوافع
التعويض عن ذلك بالاحسان والصدقات أشد وأكثر إلحاحاً(!). فتحول الاحسان
بذلك إلى مؤسسات عريقة في بلادنا. ومؤخراً، صار وسيلة فذة من وسائل شد
فقراء المجتمع إلى أغنيائه وأعيانه وزعمائه. وبهذا تسدي تلك المؤسسات خدمة
مزدوجة: حيث تبقي الفقراء خارج تضامن الجماعة والطبقة في المجتمع، وبمنأى
عن المطالبة بحقوقهم من جهة. ومن جهة أخرى، تمكن الاغنياء من ممارسة اشكال
مختلفة من الاستغلال الاقتصادي المضاعف عليهم.



في الاحتفال المسيحي الشرقي بعيد البربارة ، هناك زعيم الطواف، الذي يسمى
العرندس . حيث يقود أعوانه على صوت الطبول والرقص الساخر للطواف على
البيوت في العيد. وفي هذا الطواف الساخر، يتقاضى الفقراء، في حفلة تسول
جماعي كل عام، من الأغنياء الإحسان شرعاً. ويقابل ذلك كرنفال برازيلي
سنوي، يحمل طقوساً وثنية. كرنفال هو في جوهره انتهاك للتراتب الاجتماعي
بين الناس. حيث يجري تخريب النظام الاجتماعي القائم، وفيه ينتخب المحرومون
من السلطة زعيماً من أكثر فئات الشعب فقراً وتواضعاً. وفي يوم الاحتفال
يطلب الزعيم المنتخب من الناس الاستسلام لأعلى درجات الفوضى والجنون، وذلك
بعد ان يقوم رئيس بلدية المدينة الفعلي بتسليمه مفاتيح المدينة، للاحتفال
لمدة خمسة أيام. العرندس اللاتيني، أو ملك الكرنفال مومو ، يقود ممارسة
الفقراء والمحرومين لاحتفالهم الواقع خارج الزمن .



في الطقوس البابلية والرومانية القديمة، لهذا الاحتفال، كان العرندس، أو
زعيم الكرنفال، يُضحى به بعد انقضاء مدة ولايته، أو يُدفع الى الانتحار.
إذ ان انتهاك التراتب الاجتماعي لا عقوبة مناسبة له سوى الموت. وفي
الازمان الحديثة، يجري قتل رمزي لزعيم الكرنفال البرازيلي بعد انتهاء
الاحتفال.



القتل الرمزي للزعيم هو طقس اعادة تنصيب للحاكم الفعلي، وتجديد البيعة له
وجوهر الفكرة والاحتفال، هو اعادة انتاج السلطة او النظام الاجتماعي، عبر
تخريب النظام الاجتماعي والسياسي القائم لاعادة تكريسه..(!!).



على حافة سكين، يسير احتفال العرندس الشرقي اليوم. فمفاتيح المدن سُلّمت،
لا الى المحرومين، بل الى وكلاء الحارمين غزواً. أما المحرومون، أصحاب
الأرواح الصخرية المنصدعة ، فماء باردٌ يندلق بفيض مجهول، على ما تبقى من
صخر في نفوسهم لم ينصدع بعد..(!؟).



FAFIEH@HAYOO.COM
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
rafeeeo
Administrator
Administrator
rafeeeo


ذكر
عدد الرسائل : 637
العمر : 33
البلد : المريخ
الوظيفة : من هالشعب
الهوايات : reading , sports
تاريخ التسجيل : 19/06/2007

أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع   أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع Icon_minitimeالإثنين أغسطس 13, 2007 10:06 am

مقالة حديثة - رخويات



محمد رفيع
[2007-08-10]

ذاهلٌ ينتمي إلى ذاهلين. لم يتبق منهم سواه. إن خاطبته بلغة عاطفية يسبقك
إلى البكاء ساخرٌ، متهكمٌ، وبليد أيضاً. ان لم يجد أحداً، أو فكرة،
للتهكم، يصلب ذاته نيشاناً للتصويب.


الانهيار فيه لا يستقيم كفعل ماضٍ. انه منهارٌ ينهار. خواءٌ تذوب مادته
الأولى، وتذوي. لم يتبق منه سوى قشرة، تقي الذوبان من التوقف عن
الاستمرار. ذوبان لم يبق من تماسكه غير استمرار ذوبانه.



ذكيٌ، شاطرٌ، و ولهان . يعتقد ان مهمته الأولى، والأزلية، هي مراقبة
الأحلام على الشاطئ. ليحملها، حين تنام، إلى مراكبها. مدّعٍ: يزعم انه
يعرف رمل الطريق، رملة رملة، ولا يتورع عن ادعاء تفتيشه للأحلام، قبل أن
تصل إلى كرى أصحابها.



وشاطرٌ: يفتح لغته وحديثه على العجز. عجزه أولاً، وعجز الآخرين ثانياً.
اعتراف بعجز، لا للتواضع، بل لينُشب شهوته في اللحظة الممكنة، أو
المتوهمة. و ولهانٌ : يعرف كيف يسكن الأحلام والحكايا. يرحل بالقصة من
صاحبها وتفاصيله، لتصير حكايته. ومن فرط سرد خياله تصدق أنك استعرت قصتك،
وما عشته بنفسك، من خصب حكايته. فيصير هو الشمس وأنت ظلها: هو الصوت وأنت
الصدى: هو المسرح والخشبة والرواية، وأنت عتمة الفُرجة، وصمتها، بعد أن
استلب منك عروق الحكاية كلها.



نابهٌ: يمر بك، كشعاع، بين البخل والعفة فلا يعلق.



العفة فيه شبقٌ دائم، يُعلق ممارسته. والبخل فيه إدخار لطاقة لا يليق
هدرها. له فلسفة في الناس: فالفقير عنده هو وحده الذي يحب المال، لهذا
يهرب المال منه. والغني عنده هو من يعامل المال ب صقيع المرأة الباردة، ما
يجعل المال يُتيّم به ويلاحقه. والبخيل عنده هو وحده من يقدّر المال حق
قدره. أما هو، صاحبنا، فهو في مواجهة نفسه، كل هؤلاء، حين يريد. ولا أحد
منهم، حين يريد أيضاً.



ذاهلٌ، هو آخر الذاهلين وأولهم. لا أحد بعده ليطفئ عتمة الفراغ. على الفراغ. ولا أحد يليه، ليصفق باب الحرمان على الأرواح المنصدعة .



هل قلتُ صاحبي ؟ ربما. لكنه صاحبكم. وصاحب كل زمان: أصحابكم، ويمشون في
ظلالكم. ظلال تمشي في ظلال. تتلبس الأجساد. فتصير بها كائنات أخرى. تمشي
ولا تمشي. تتهكم بك على جديّة الأشياء. تخطف فرحك وبكاءك، وأنت تحدّق،
لتحيل حياتك ووقتك إلى هذيان.



كائنات رخوة، هي في الأصل خطايا ، مُسخت سهواً، فانسلّت في غفلة ودبّت على
أرض الناس. كائنات لا تستطيع رؤيتها، إلا إذا اختفت عن ناظريك. أو كفّت
هي، من تلقاء ذاتها، عن حركتها أو رخاوتها..(!؟).



FAFIEH@YAHOO.COM


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rafeeeo.manblog.org
 
أرشيف مقالات الكاتب محمد رفيع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صوت الشباب ::  ســـــاحــــة الأخـــــــــــبــــــــار الــــــــســـــــياســـــــــية و الرياضية و الاجتماعية المنوعة  ::  قسم الصحف و المقالات  :: قسم أرشيف المقالات-
انتقل الى: